سورة القصص - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القصص)


        


قوله تعالى: {أفلا تَسْمَعون} أي: سماع فَهْم وقَبول، فتستدلُّوا بذلك على وحدانية الله تعالى؟! ومعنى {تَسْكُنون فيه}: تستريحون من الحركة والنَّصَب {أفلا تُبْصِرون} ما أنتم عليه من الخطأ والضلالة؟! ثم أخبر أن اللَّيل والنهار رحمة منه. وقوله: {لتَسْكُنوا فيه} يعني في الليل {ولِتَبْتَغوا مِنْ فَضْله} أي: لتلتمسوا من رزقه بالمعاش في النهار {ولعلَّكم تَشْكُرون} الذي أنْعَم عليكم بهما.
قوله تعالى: {ونَزَعْنا مِنْ كلِّ أُمَّة شهيداً} أي: أخرْجنا من كل أُمَّة رسولها الذي يشهد عليها بالتبليغ {فقُلنا هاتوا بُرهانكم} أي: حُجَّتكم على ما كنتم تعبُدون من دوني {فعَلِموا أنَّ الحق لله} أي: عَلِموا أنَّه لا إِله إِلا هو {وضَلَّ عنهم} أي: بَطَل في الآخرة {ما كانوا يَفْتَرون} في الدنيا من الشركاء.


قوله تعالى: {إِنَّ قارونَ كان من قوم موسى} أي: من عشيرته؛ وفي نسبه إِلى موسى ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه كان ابن عمه، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال عبد الله بن الحارث، وإِبراهيم، وابن جريج.
والثاني: ابن خالته، رواه عطاء عن ابن عباس.
والثالث: أنه كان عمَّ موسى، قاله ابن إِسحاق.
قال الزجاج: {قارون} اسم أعجمي لا ينصرف، ولو كان فاعولاً من العربية من قرنتُ الشيء لانصرف.
قوله تعالى: {فبغى عليهم} فيه خمسة أقوال.
أحدها: أنه جعل لِبَغِيٍّ جُعْلاً على أن تقذف موسى بنفسها، ففعلت، فاستحلفها موسى على ما قالت، فأخبرته بقصتها، فكان هذا بغيه، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه بغى بالكفر بالله تعالى، قاله الضحاك.
والثالث: بالكِبْر، قاله قتادة.
والرابع: أنه زاد في طول ثيابه شِبراً، قاله عطاء الخراساني، وشهر بن حوشب.
والخامس: أنه كان يخدم فرعون فتعدَّى على بني إِسرائيل وظلمهم، حكاه الماوردي. وفي المراد بمفاتحه قولان:
أحدهما: أنها مفاتيح الخزائن التي تفتح بها الأبواب، قاله مجاهد، وقتادة. وروى الأعمش عن خيثمة قال: كانت مفاتيح قارون وِقْر ستين بغلاً، وكانت من جلود، كل مفتاح مثل الأصبع.
والثاني: أنها خزائنه، قاله السدي، وأبو صالح، والضحاك. قال الزجاج: وهذا الأشبه أن تكون مفاتحه خزائن ماله؛ وإِلى نحو هذا ذهب ابن قتيبة. قال أبو صالح: كانت خزائنه تُحمل على أربعين بغلاً.
قوله تعالى: {لَتَنُوءُ بالعُصبة} أي: تُثقلهم وتُميلهم. ومعنى الكلام: لَتُنِيءُ العصبةَ، فلمَّا دخلت الباءُ في {العُصْبة} انفتحت التاء، كما تقول: هذا يَذْهَبُ بالأبصارِ، وهذا يُذْهِبُ الأبصارَ، وهذا اختيار الفراء، وابن قتيبة، والزجَّاج في آخرين. وقال بعضهم: هذا من المقلوب، وتقديره: ما إِن العُصْبة لَتَنُوء بمفاتحه، كما يقال: إِنها لَتَنُوء بها عجيزُتها، أي: هي تَنْوء بعجيزتها، وأنشدوا:
فَدَيْتُ بِنَفْسِهِ نَفِسْي ومَالي *** ومَا آلُوكَ إِلاَّ مَا أُطِيقُ
أي: فديت بنفسي وبمالي نفسه، وهذا اختيار أبي عبيدة، والأخفش. وقد بيَّنَّا معنى العُصْبة في سورة [يوسف: 8]، وفي المراد بها هاهنا ستة أقوال.
أحدها: أربعون رجلاً، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثاني: ما بين الثلاثة إِلى العشرة، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والثالث: خمسة عشر، قاله مجاهد.
والرابع: فوق العشرة إِلى الأربعين، قاله قتادة.
والخامس: سبعون رجلاً، قاله أبو صالح.
والسادس: ما بين الخمسة عشر إِلى الأربعين، حكاه الزجاج. قوله تعالى {إِذ قال له قومه} في القائل له قولان:
أحدهما: أنهم المؤمنون من قومه، قاله السدي.
والثاني: أنه قول موسى له، حكاه الماوردي.
قوله تعالى: {لا تَفْرَحْ} قال ابن قتيبة: المعنى: لا تأشَرْ، ولا تَبطَرْ، قال الشاعر:
ولستُ بِمِفْراحٍ إِذا الدَّهرُ سَرَّني *** ولا جازعٍ من صَرْفهِ المُتَحَوِّلِ
أي: لستُ بأَشِرٍ، فأمَّا السرورُ، فليس بمكروه. {إِنَّ الله لا يُحِبُّ الفَرِحِين} وقرأ أبو رجاء، وأبو حيوة، وعاصم الجحدري، وابن أبي عبلة: {الفَارِحِين} بألف.
قوله تعالى: {وابْتَغِ فيما آتاكَ اللّهُ} أي: اطلب فيما أعطاكَ اللّهُ من الأموال. وقرأ أبو المتوكل، وابن السميفع: {واتَّبِعْ} بتشديد التاء وكسر الباء بعدها وعين ساكنة غير معجمة {الدارَ الآخرةَ} وهي: الجنة؛ وذلك يكون بانفاقه في رضى الله تعالى وشُكر المُنْعِم به {ولا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِن الدُّنيا} فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: أن يعمل في الدنيا للآخرة، قاله ابن عباس، ومجاهد، والجمهور.
والثاني: أن يُقدِّم الفضل ويُمسك ما يُغْنيه، قاله الحسن.
والثالث: أن يستغنيَ بالحلال عن الحرام، قاله قتادة.
وفي معنى {وأَحْسِنْ كما أحسن اللّهُ إِليك} ثلاثة أقوال حكاها الماوردي.
أحدها: أَعْطِ فضل مالك كما زادك على قدر حاجتك.
والثاني: أَحْسِن فيما افترض عليك كما أحسن في إِنعامه إِليك.
والثالث: أحسن في طلب الحلال كما أحسن إِليك في الإِحلال.
قوله تعالى: {ولا تَبْغِ الفساد في الأرض} فتعمل فيها بالمعاصي.


قوله تعالى: {إِنَّما أُوتيتُه} يعني المال {على عِلْمٍ عِندي} فيه خمسة أقوال.
أحدها: على عِلْم عندي بصنعة الذهب، رواه أبو صالح عن ابن عباس؛ قال الزجاج: وهذا لا أصل له، لأن الكيمياء باطل لا حقيقة له.
والثاني: برضى الله عني، قاله ابن زيد.
والثالث: على خيرٍ عَلِمَهُ الله عندي، قاله مقاتل.
والرابع: إِنما أُعطيتُه لفضل علمي، قاله الفراء. قال الزجاج: ادَّعى أنه أُعطيَ المال لعلمه بالتوراة.
والخامس: على علم عندي بوجوه المكاسب، حكاه الماوردي. قوله تعالى {أَوَلَمْ يَعْلَمْ} يعني قارون {أنَّ الله قد أهلك} بالعذاب {مِنْ قَبْله مِنَ القُرون} في الدُّنيا حين كذَّبوا رُسُلَهم {مَنْ هو أشدُّ منه قُوَّةً وأكثرُ جَمْعاً} للأموال.
وفي قوله: {ولا يُسْأَلُ عن ذُنوبهم المُجْرِمون} ثلاثة أقوال.
أحدها: لا يُسْأَلون ليُعْلَم ذلك مِنْ قِبَلهم وإِن سئلوا سؤال توبيخ، قاله الحسن.
والثاني: أن الملائكة تعرفهم بسيماهم فلا تسألهم عن ذنوبهم، قاله مجاهد.
والثالث: يدخلون النار بغير حساب، قاله قتادة. وقال السدي: يعذَّبون ولا يُسْأَلون عن ذُنوبهم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8